أبرز عبد اللطيف وهبي أن هناك فرقا شاسعا بين المنظور الفلسفي والادبي للنص الدستوري وبين الممارسة السياسية مشيرا إلى أن الإصلاحات الدستورية التي قام بها المغرب خلال سنة 2011 كانت لها سياقاتها التاريخية التي يجب احترامها، ومنها تنزيل الجهوية الموسعة وإحداث هيئة الانصاف والمصالحة وعدد من التوجهات الاستراتيجية الكبرى للدولة سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي.
وحاء كلام وهبي خلال القاء الذي نظمته وكالة المغرب العربي للأنباء مساء اليوم الثلاثاء 14 مارس 2017 بشراكة مع مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والادب و الذي استضافت فيه كل من حسن طارق و عبد اللطيف وهبي للحديث حول كتابيهما الفصل 47 من دستور2011 ،الذي يعتبر بمثابة تجميع لدراسات ومقالات ونصوص لمجموعة من السياسيين والبرلمانيين اللذين كتبوا حول هذا الموضوع الذي حمل العديد من القراءات المتقاطعة والمواقف المتباينة والخلفيات المتناقضة والحسابات السياسية المتداخلة خصوصا في ظل ازمة تشكيل الحكومة الجديدة وما تمخض عن ذلك من نقاش حول سيناريوهات مسار تشكيلها على ضوء الإمكانيات التي يمنحها الدستور في إشارة إلى الخيارات التي يمنحها الدستور للملك و بعد ان وجد رئيس الحكومة المعين صعوبة في استمالة بعض الأحزاب السياسية التي يحتاجها للوصول للنصاب القانوني الضروري لتصويت مجلس النواب على برنامج حكومته.
من جهته كان لحسن طارق منظور آخر للإصلاح الدستوري الذي أقدم عليه المغرب وأن خطاب 9مارس جاء بحسبه ردا على مطلب الحراك الشبابي الذي قادته حركة 20 فبراير سنة 2011 والذي طالبت فيه المؤسسة الملكية بمزيد من الإصلاحات الدستورية في أفق اعتماد ملكية برلمانية
وبالرجوع للفصل 47 موضوع النقاش و الذي يتيح للملك تعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية لمجلس النواب فقد انقسمت الآراء الى خمس اتجاهات بحسب الأستاذ وهبي :الاتجاه الأول يعتبر ان المنهجية الديمقراطية واحترام الدستور يقضيان بتمكين بنكيران من تشكيل الحكومة ولو كانت حكومة اقلية ،وان تكليف شخص آخر يعد انقلابا على نتائج 7اكتوبر وعلى الدستور ،والاتجاه الثاني يدعوا الى تكليف شخص آخر من الحزب نفسهPJD ،والاتجاه الثالث يدعوا الى تكليف شخص من الحزب الثاني PAMوالاتجاه الرابع يدعوا الى تكليف أي مسؤول حزبي آخر دون مراعاة للترتيب ،والاتجاه الخامس يدعوا الى تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.
لكنه علق على هذا الفصل المثير للجدل أنه لم تكتبه لا العدالة والتنمية ولا حزب آخر وإنما جاء في خطاب 9 مارس والتقطته لجنة صياغة الدستور وقدمته في شكل استشارة والذي قرر تنزيله هو الملك .وحول سؤال لعادل تشيكيطوا البرلماني السابق عن حزب الاستقلال حول ما ادا كان الملك مسؤول عن البلوكاج الحكومي لأنه هو المسؤول عن صياغة و تنزيل الدستور أجاب وهبي بالنفي مطمئنا المغاربة بأن بنكيران سيشكل حكومته موضحا في الآن نفسه أن من حسنات أزمة تشكيل الحكومة هو إفرازها لهذا النقاش العمومي المثمر وهو التوجه الذي وافقه عليه حسن طارق.
وبعد فتح النقاش مع القاعة وإعطاء الكلمة للعديد من المتدخلين اختلفت آرائهم وتقييمهم للوضع السياسي الراهن وخاصة ازمة تشكيل الحكومة،ومعها آراء معدي كتاب الفصل 47 حول رؤيتهم للحراك الذي اعقب الإصلاحات الدستورية التي انخرطت بها بلادنا وهل كانت ثمرة لاجتهادات النخب السياسية والنخب المثقفة ام ساهمت فيه كل القوى الحية بالبلاد بمن فيهم سكان العالم القروي وشباب القرى النائية بالمداشر ،حيث استبعد عبد اللطيف وخبي ان يكون الحراك الشبابي قد وصل للقرى أو انخرط فيه شباب المغرب العميق كما يهوى للبعض ان يسميه مؤكدا أن القرى لا تزال على حالها وأنها تحب الملك ولا تكثر لأمور الدولة ومن يقول ذلك فهو يحلم.
لم ينتظر حسن طارق طويلا للرد على ادعاءات عبد اللطيف وهبي ،مؤكدا أنه رأى بام عينه خلال أكثر من 68 لقاء جمعه بشباب عدد من المداشر والقرى النائية لاحظ تملك الشباب القروي للنقاش السياسي ولاحظ تطورا كبيرا في مستوى تفكيرهم وتعاطيهم مع أمور الدولة.
وخلص كل من حسن طارق وا عبد اللطيف وهبي إلى أنه من المستبعد أن يكون هناك تحكيم ملكي حول أزمة تشكيل الحكومة لان ذلك سيكون بمثابة إعلان الأحزاب السياسية لفشلها في أول تمرين ديمقراطي لها من هذا النوع مبرزين في الآن نفسه أهمية هذا النقاش السياسي الذي سيساهم بصورة إيجابية في تطوير التجربة السياسية المغربية والرقي بها.